السؤال :
رجل كان يتعاطى شرب الخمر وكثيرًا من المعاصي، وقد صدرت بحقه عدة أحكام، ولكنه تاب إلى الله وأصبح مواظبًا على الصلاة مع الجماعة وحريصًا على فعل الخير، ومن ذلك أنه يرغب في الأذان؛ بأن يكون مؤذنًا في المسجد وإمامًا أحيانًا في غياب الإمام الرسمي، ولكن بعض جماعة المسجد يرفضون ذلك منه، وأصَرُّوا على عدم فعله ذلك، وعلى شكواه إن فعل، وربما الاعتداء عليه؛ فهل هم على حق في ذلك أم يجب عليهم تشجيعه والأخذ بيده مادام جاء تائبًا إلى الله، وحكمه حكم المؤلفة قلوبهم؟
الجواب :
المسلم إذا تاب إلى الله توبة صحيحة مما صدر منه من المعاصي؛ فإن التوبة تَجُبُّ ما قبلها، بل حتى الكافر إذا تاب إلى الله توبة صحيحة؛ فإن توبته تَجُبُّ ما قبلها من الكفر؛ قال تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38.]، والله جل وعلا يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات؛ فإذا تاب المذنب توبة صحيحة وأصلح العمل بعد التوبة؛ فإن الله سبحانه وتعالى يتوب عليه ويمحو ما كان من قبل.
والسائل يذكر أن هذا الرجل تاب إلى الله توبة صحيحة، وأنه أحسن العمل، ولم يُعرَف عنه شيءٌ بعد التوبة من المعاصي؛ فما دام كذلك؛ فإنه لا مانع من إمامته ومن توليه الأذان؛ فالذي يعترض عليه يكون مخطئًا؛ إلا إذا كان يَعرِف من حاله أشياءٌ تتنافى مع مقام الأذان أو مع مقام الإمامة؛ فإذا كان المخالف أو المعارض يعلم من حال هذا الشخص أشياءً لا تتناسب مع مقام الإمامة أو مقام الأذان؛ فله الحق في الاعتراض، أما إذا كان لا يعرف شيئًا، وإنما يبني على الأمور التي كانت من قبل التوبة؛ فهذا خطأ، والواجب أن يُمكَّن من الأذان إذا كان يصلح للأذان، ويُمكَّن من الإمامة إذا كان تتوفر فيه شروط الإمامة.