السؤال :
في قريتنا مسجد، وبداخله قبر شيخ يُدعى البُستانيَّ؛ فهل يجوز إزالة هذا القبر المبنيّ بداخل المسجد، ويُدخَلَ مكانه في ساحة المسجد؟ فهناك أناس يقولون: إنَّ هذا خطأ. وأناس يقولون: الشيخ لا يضرُّ ولا ينفعُ؛ فلا داعي لإزالته. علمًا بأنَّ فيه حجرة تُذبح فيها الذَّبائح من نذور وغيره؛ فماذا علينا أن نفعل به؟ أرشدونا وفَّقكم الله.
الجواب :
لقد حذَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم من بناء المساجد على القبور واتِّخاذها معابد: قال صلى الله عليه وسلم: (اشتدَّ غضبُ الله على قومٍ اتَّخذوا مقابر أنبيائهم وصالحيهم مساجد) [رواه الإمام مالك في "الموطأ" (1/172) من حديث عطاء بن يسار، ورواه عبد الرزاق الصنعاني في "مصنفه" (1/406) من حديث زيد بن أسلم بدون ذكر (وصالحيهم).]، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مَن كان قبلَكُم كانوا يتَّخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا؛ فلا تتَّخذوا القبورَ مساجد؛ فإنِّي أنهاكُم عن ذلك) [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (1/377-378) من حديث جندب.]... وغير ذلك من الأحاديث الواردة في منع هذا العمل القبيح الذي يؤول بالقبور إلى أن تكون أوثانًا تُعبَدُ من دون الله، وتُذبحُ لها القرابين، وتُقرَّبُ لها النُّذور؛ كما ذكر السّائل؛ فإنّ هذا من أفعال الجاهليَّة، ومن فعل اليهود والنَّصارى مع أنبيائهم والصَّالحين منهم، وهذا هو الذي أوقع الشِّرك في قوم نوح عليه السَّلام لمَّا غلَوا في الصَّالحين والأموات، وعبدوهم من دون الله، فنسأل الله العافية والسَّلامة.
وقد وقع ما حذَّر منه النبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذه الأمة، فاتُّخذت القبور مساجد في كثير من الأمصار، وبُنِيَت عليها القباب، وصُرِفَت لها كثيرٌ من أنواع العبادات، وطُلِبَت منها الحوائج من دون الله عز وجل؛ فلا حول ولا قوَّة إلا بالله العليِّ العظيم.
أمَّا ما سأل عنه من أنه: هل يُخرجُ القبر من المسجد أو لا؟ فالواجب على المسلمين أن ينظروا في هذا الأمر: فإن كان القبر سابقًا على المسجد، وبُني المسجد عليه بعد ذلك؛ فالواجب هدمُ المسجد وإبقاءُ القبر على ما هو عليه؛ لأن الأحقِّيَّة للقبر، والمسجد هذا مسجد أسِّسَ على الشِّرك وعلى معصية الله ورسوله، ويجب هدمُهُ. أمَّا إذا كان العكس، وهو أنَّ المسجد بُنِيَ من الأوَّل على أساس شرعيٍّ وعقيدة سليمة، ثمَّ دفن فيه بعد ذلك؛ فالواجب نبشُ القبر، وإخراجه من المسجد، ودفنه في المقابر، وعود المسجد إلى شرعيَّته، والتخلُّص من هذا الجرم العظيم.
هذا هو ما يجب على المسلمين، وفَّق الله الجميع لما يحبُّه ويرضاه، ووفَّق هذه الأمة إلى أن تطبِّقَ أحكام دينها وما وصَّى به رسولها صلى الله عليه وسلم.