السؤال :يقول رجل: إن محمدا صلى الله عليه وسلم هو برزخ بين بحري الإمكان والوجوب فله درجة فوق درجة الإمكان والحدوث ودون درجة الوجوب. فأفيدوني؟
س2: ويقول: لا يمكن أن نسميه صلى الله عليه وسلم إلها، ولا يمكن أن نقول: إنه غيره، فنفوض الأمر إليه تعالى، وهو أعلم بحقيقته صلى الله عليه وسلم. فأفيدونا؟.
س3: ويقول: إن لقوس الإمكان حدين أو نقطتين نقطة الابتداء ونقطة الانتهاء ولكن قد انتفت هاتان النقطتان في حقه صلى الله عليه وسلم وقد امتزج الأول والآخر بحيث لم يبق الفرق بينهما ولم يكن إسراؤه صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء إلا من نفسه إلى نفسه، فأفيدونا؟.
س4: ويقول: إن حقيقة قوله تعالى: ثم دنا فتدلى هي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس مغاير الله تعالى فلا تزعم أنه كان هناك وجودان فما رأى صلى الله عليه وسلم إلا نفسه. فأفيدونا عن ذلك. الجواب : الله تعالى وحده هو الواجب الوجود بنفسه، لم يكسب وجوده من غيره، وما سواه من الموجودات ممكن في نفسه قد كسب وجوده من الله تعالى، ثم هو في وجوده خاضع لمشيئة الله وقدرته إن شاء سبحانه أبقاه وإن شاء أفناه، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو كسائر بني آدم خلقه الله من ذكر وأنثى بالنص من الكتاب والسنة وبشهادة الواقع الحسي، ثم توفاه عند انتهاء أجله، فوجوده ممكن كسائر المخلوقات إلا أن الله تعالى ميزه بالرسالة فاصطفاه رسولا إلى الناس كافة وخاتما للأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولا برزخ بين الوجوب والإمكان باتفاق العقلاء حتى يكون محمد صلى الله عليه وسلم هو هذا البرزخ أو فيه، فإن الأحكام العقلية ثلاثة باتفاق العلماء النظار: الوجوب والاستحالة والإمكان، أي: الجواز العقلي وهو احتمال الوجود والعدم لا رابع لها، ولا برزخ ولا واسطة بينها، فمن زعم رابعا لها أو برزخا وواسطة بينها فهو مخالف لمقتضى العقل، كما أنه مخالف لمقتضى النقل الصحيح.
س2: ويقول: لا يمكن أن نسميه صلى الله عليه وسلم إلها، ولا يمكن أن نقول: إنه غيره، فنفوض الأمر إليه تعالى، وهو أعلم بحقيقته صلى الله عليه وسلم. فأفيدونا؟.
ج2: لقد صدق في قوله: لايمكن أن نسمي محمد صلى الله عليه وسلم إلها ولكن سرعان ما تناقض في كلامه فقال: (ولا يمكن أن نقول إنه غيره) وذلك أن الله تعالى قد ثبتت له الألوهية وحده بأدلة العقل والنقل بإجماع أهل العلم، فإذا كان محمد صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يكون إلها بدلالة العقل والنقل وجب أن يكون غير الله تعالى، ضرورة استحالة أن يكون إلها وضرورة وجوب الربوبية والألوهية لله تعالى وحده عقلا ونقلا.
ثم قوله: فنفوض الأمر إليه تعالى.. إلخ، شك صريح في التمييز بين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهو مع تناقضه كفر صريح مخالف للواقع والعقل الصريح والنقل الصحيح؛ لأن الله سبحانه بين في كتابه الكريم أن محمدا صلى الله عليه وسلم بشر، وقد أجمع المسلمون أنه ولد من أب وأم، وأنه داخل في عموم قوله تعالى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى الآية.
لا يمكن أن نسمي محمدا صلى الله عليه وسلم إلها
س3: ويقول: إن لقوس الإمكان حدين أو نقطتين نقطة الابتداء ونقطة الانتهاء ولكن قد انتفت هاتان النقطتان في حقه صلى الله عليه وسلم وقد امتزج الأول والآخر بحيث لم يبق الفرق بينهما ولم يكن إسراؤه صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء إلا من نفسه إلى نفسه، فأفيدونا؟.
ج3: الإمكان أحد أقسام الحكم العقلي الثلاثة، ومدلوله أمر كلي ذهني وإمكان أي شيء جواز وجوده وعدمه على السواء بالنسبة لقدرة الله تعالى، لا فرق في ذلك بين رسل الله عليهم الصلاة والسلام وبين سائر المخلوقات، فليس للإمكان حدان أو نقطتان نقطة ابتداء ونقطة انتهاء باتفاق العقلاء حتى يقال: (إنهما انتفتا بالنسبة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم والحكم بامتزاجه صلى الله عليه وسلم بالأول والآخر، حتى لم يبق بينه وبين الله فرق، وحتى لم يكن إسراؤه ليلة الإسراء إلا من نفسه إلى نفسه قول باتحاده صلى الله عليه وسلم بالله)، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وهو كفر صريح يخرج من ملة الإسلام والعياذ بالله تعالى. ثم هو مع ذلك متناقض، كما تقدم في السؤال الثاني من أنه لا يمكن أن يسميه إلها، ولا يمكن أن يقول: إنه غيره.. إلخ، ثم هو مكابرة للنقل والعقل والواقع.
حقيقة قوله تعالى "ثم دنا فتدلى"
س4: ويقول: إن حقيقة قوله تعالى: ثم دنا فتدلى هي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس مغاير الله تعالى فلا تزعم أنه كان هناك وجودان فما رأى صلى الله عليه وسلم إلا نفسه. فأفيدونا عن ذلك.
ج4: الصواب أن الذي دنا فتدلى جبريل عليه الصلاة والسلام حتى رآه الرسول صلى الله عليه وسلم، كما صح بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن زعم أن الذي دنا فتدلى هو الله تعالى فقد أخطأ خطأ فاحشا، ثم القول بأنه ليس هناك وجودان، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم ما رأى في ذلك الوقت إلا نفسه (قول بوحدة الوجود) وذلك كفر صريح، كما تقدم.
وأخيرا فإنه يتبين من الأجوبة المتقدمة أن من قال بما تقدم في الأسئلة ليس على الحق، بل على الباطل، وأنه ليس بمؤمن فضلا عن أن يكون من أهل السنة والجماعة، بل كافر مرتد عن ملة الإسلام إن كان قد زعم أنه مسلم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبد الله بن قعود، عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز