السؤال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان رجل يسرف على نفسه فلما حضره الموت قال صلى الله عليه وسلم: إذا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا فلما مات فعل به ذلك فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك ففعلت فإذا هو قائم فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: خشيتك يارب، أو قال: مخافتك فغفر له
الجواب :
أخرج الإمام البخاري في صحيحه باب الخوف من الله، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير عن منصور، عن ربعي عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان رجل ممن كان قبلكم يسيء الظن بعمله, فقال لأهله: إذا أنا مت فخذوني فذروني في البحر في يوم صائف، ففعلوا به, فجمعه الله ثم قال: ما حملك على الذي صنعت؟ قال: ما حملني عليه إلا مخافتك, فغفر له.
حدثنا موسى, حدثنا معتمر, سمعت أبي, حدثنا قتادة عن عقبة بن عبد الغافر, عن أبي سعيد رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم: ذكر رجلا فيمن كان سلف أو قبلكم آتاه الله مالا وولدا- يعني: أعطاه- قال: فلما حضر, قال لبنيه: أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب, قال: فإنه لم يبتئر عند الله خيرا- فسرها قتادة: لم يدخر- وإن يقدم على الله يعذبه, فانظروا إذا مت فأحرقوني حتى إذا صرت فحما فاسحقوني, أو قال: فاسهكوني, ثم إذا كان ريح عاصف فاذروني فيها, فأخذ مواثيقهم على ذلك, وربي ففعلوا, فقال الله: كن فإذا رجل قائم, ثم قال: أي عبدي ما حملك على ما فعلت؟ قال: مخافتك, أو فرق منك, فما تلافاه أن رحمه الله فحدثت أبا عثمان, فقال: سمعت سلمان, غير أنه زاد: "فاذروني في البحر", أو كما حدّث.
فهذا الرجل حمله خوفه من الله وجهله بعموم قدرة الله على أن أوصى أولاده بما ذكر فرحمه الله وغفر له قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بعد أن ذكر الحديث واحتجاج العلماء فيه: (فهذا الرجل كان قد وقع له الشك والجهل في قدرة الله تعالى على إعادة ابن آدم بعدما أحرق وذري, وعلى أنه يعيد الميت ويحشره إذا فعل به ذلك, وهذان أصلان عظيمان:
(أحدهما) متعلق بالله تعالى: وهو الإيمان بأنه على كل شيء قدير.
(والثاني) متعلق باليوم الآخر: وهو الإيمان بأن الله يعيد هذا الميت ويجزيه على أعماله, ومع هذا فلما كان مؤمنا بالله في الجملة ومؤمنا باليوم الآخر في الجملة, وهو أن الله يثيب ويعاقب بعد الموت وقد عمل عملا صالحا وهو خوفه من الله أن يعاقبه على ذنوبه غفر الله له بما كان منه من الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح).
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبد الله بن قعود، عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز