السؤال :
سُئلَ عَنْ قَوْله صلى الله عليه وسلم: (إذا هم العبد بالحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة) الحديث. فإذا كان الهمّ سرًا بين العبد وبين ربه فكيف تطلع الملائكة عليه؟
الجواب :
الحمد للّه، قد روى عن سفيان بن عيينة في جواب هذه المسألة قال: إنه إذا هم بحسنة شم الملك رائحة طيبة، وإذا هم بسيئة شم رائحة خبيثة.
والتحقيق أن اللّه قادر أن يعلم الملائكة بما في نفس العبد كيف شاء، كما هو قادر على أن يطلع بعض البشر على ما في الإنسان.
فإذا كان بعض البشر قد يجعل اللّه له من الكشف ما يعلم به أحيانًا ما في قلب الإنسان ـ فالملك الموكل بالعبد أولى بأن يعرفه اللّه ذلك .
وقد قيل في قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق:16] أن المراد به: الملائكة، واللّه قد جعل الملائكة تلقي في نفس العبد الخواطر، كما قال عبد اللّه بن مسعود:(إن للملك لمّةً، وللشيطان لمةً، فَلمّة الملك تصديق بالحق ووعد بالخير، ولمة الشيطان تكذيب بالحق وإيعاد بالشر). وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال:(ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الملائكة، وقرينه من الجن). قالوا: وإياك يا رسول اللّه؟ قال: (وأنا، إلا أن اللّه قد أعانني عليه، فلا يأمرني إلا بخير).
فالسيئة التي يهم بها العبد إذا كانت من إلقاء الشيطان، علم بها الشيطان.
والحسنة التي يهم بها العبد إذا كانت من إلقاء الملك، علم بها الملك أيضًا ،بطريق الأولى، وإذا علم بها هذا الملك، أمكن علم الملائكة الحفظة لأعمال بني آدم.