المصدر : فتاوى الفوزان
موضوع الفتوى : البدع وما يتصل بالأموات والقبور
السؤال :
ما حكم تقسيم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة؟ وهل يصِحُّ لمن رأى هذا التقسيم أن يحتجَّ بقول الرسول: (مَن سنَّ سُنَّةً حسنةً في الإسلام...) الحديث، وبقول عمرَ: (نعمتِ البدعةُ هذه...)؟ نرجو في ذلك الإفادة، جزاكم الله خيرًا.
الجواب :
ليس مع من قسَّم البدعة إلى بدعةٍ حسنة وبدعةٍ سيئةٍ دليلٌ؛ لأن البدع كلَّها سيئةٌ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) [رواه النسائي في "سننه" (3/188-189) من حديث جابر بن عبد الله بنحوه، ورواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/592) بدون ذكر: "وكل ضلالة في النار" من حديث جابر بن عبد الله. (1)]. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (مَن سنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنةً) [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/704-705) من حديث جرير بن عبد الله.]؛ فالمرادُ به: من أحيا سنَّةً؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك بمناسبة ما فعلَهُ أحد الصَّحابة من مجيئه بالصَّدقة في أزمةٍ من الأزمات، حتى اقتدى به الناس وتتابعوا في تقديم الصَّدقات. وأما قول عمر رضي الله عنه: "نعمتِ البدعةُ هذه" (2)؛ فالمراد بذلك البدعة اللغويَّة لا البدعة الشرعيَّةُ؛ لأنَّ عمر قال ذلك بمناسبة جمعه الناس على إمام واحد في صلاة التَّراويح، وصلاة التَّراويح جماعة قد شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث صلاها بأصحابه ليالي، ثم تخلَّفَ عنهم خشية أن تُفرضَ عليهم (3)، وبقي الناس يصلُّونها فرادى وجماعات متفرِّقة، فجمعهم عمر على إمام واحد كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليالي التي صلاها بهم، فأحيى عمر تلك السُّنَّة، فيكون قد أعاد شيئًا قد انقطع، فيُعتبَرُ فعله هذا بدعة لغويَّة لا شرعيَّةً؛ لأنَّ البدعة الشرعية محرَّمة، لا يمكن لعمر ولا لغيره أن يفعلها، وهم يعلمون تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من البدع (4).
|
|