المصدر : فتاوى الفوزان
موضوع الفتوى : الجامع في مسائل العقيدة
السؤال :
ما الحكمة في أنّ القرآن العظيم محفوظ من التّبديل والتّحريف، في حين إنّ الكتب الأخرى كالتّوراة والإنجيل ليست كذلك؟ وهل يعني الإيمان بالكتب الإيمان بما فيها على ما هي عليه الآن، خاصّة وأنّ بعضها دَخَلَهُ التَّحريفُ؟
الجواب :
القرآن الكريم تكفَّل الله تعالى بحفظه؛ لأنّه الكتابُ الباقي إلى قيام السّاعة، النّاسخ لما سبقه، ولا يتطرّق إليه نسخ، أمّا الكتب السّابقة؛ فاستُحفِظ عليها الرّبانيّون والأحبار؛ ابتلاءً وامتحانًا لهم، ولأنّها - والله أعلم - مؤقّتةٌ، ويتطرَّق إليها النسخ بشرائع أخرى تأتي بعدها، وهي أيضًا خاصّةٌ بمن أُنزِلَت عليهم في وقتهم، والقرآن عامٌّ لجميع الثّقلين الجنّ والإنس إلى يوم القيامة. والإيمانُ بالكتب الإلهيّة من أركان الإيمان. والإيمان بالكتب السّابقة إيمان مجمل، والإيمان بالقرآن إيمان مفصَّلٌ بكلِّ ما فيه، من أنكر منه حرفًا أو آية أو أقلَّ أو أكثر؛ فهو مرتدٌّ عن دين الإسلام، وكذلك من أنكر حكمًا من أحكامه؛ كقطع يد السَّارق، والاقتصاص من الجاني، أو أنكر صلاحيته للحكم بين النّاس في هذا الزمان، أو في أيّ زمان؛ فهو كافر، أمّا الإيمان بالكتب السّابقة؛ فهو إيمانٌ مجمل، يتناول أصولها وما فيها من حقٍّ، دون ما فيها من تحريف وتبديل؛ لأنّ الله أمر بالإيمان بها مع ذكره سبحانه أنّ أهلها قد حرَّفوها وغيَّروا فيها؛ فالإيمان بأصولها وأنها من عند الله دون ما فيها من تحريف وتبديل؛ فهذا مردود على أصحابه. قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً} [البقرة: 79.]. وقال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78.].
|
|