السؤال :
فضيلة الشيخ: إني أحبك في الله وأسأل الله عز وجل أن يجمعنا وإياك في الجنة وجميع إخواننا المسلمين وبعد: يا فضيلة الشيخ: نرجو منك توجيه نصيحة للشباب في هذه المدينة، والسبب أن بينهم فجوة كبيرة؛ فكلٌّ يقول: إنه على الحق، والله يعلم من معه الحق؛ فنرجو أن توجهوا نصيحة في طلب العلم وكيف ينهجون خاصة في بداية تعلمهم وفي بداية طلبهم للعلم؟
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم. لا شك أن الشيطان لعنه الله يريد أن يُفَرِّق بين المسلمين، وكذلك أعوان الشيطان من بني الإنسان يريدون أن يفرقوا بين المسلمين؛ شبابهم وشيبهم، هذا أمر معروف منذ تعهد الشيطان بذلك حين قال ما ذكره الله عنه: {أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً، قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا، وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا، إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً} [الإسراء: 62-65.]؛ يعني آدم عليه السلام. هذا مهنة الشيطان، ولا يقاوم الشيطان وأعوان الشيطان إلا بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل بذلك، مع الرجوع لأهل العلم والبصيرة بالتعلم منهم ومشاورتهم، ثم الحذر من الدسائس التي تتخلل المجتمع من هنا وهناك على أيدي دعاة السوء الذين يريدون أن يُفرِّقوا هذا المجتمع؛ لأن هذا المجتمع في هذه البلاد ولله الحمد ما زال بخير، يمتاز به على سائر الناس في البلدان الأخرى... يحكم فيه شرعُ الله سبحانه وتعالى، والولاية فيه ولله الحمد ولاية مسلمة مؤمنة؛ لا نقول: إن عندها الكمال في كل شيء، وما عندنا من النقص يمكن إصلاحه بالمناصحة الشرعية، كذلك هذه البلاد على عقيدة التوحيد، ليس فيها قباب أو أضرحة تُعبَدُ من دون الله، ليس فيها مزارات شركية كما في البلاد الأخرى، وهي بلاد الحرمين الشريفين، ترفل بالأمن والاستقرار، نأمن على أنفسنا وأموالنا وعلى أولادنا، بينما البلاد الأخرى على تخوف.
فكروا يا عباد الله بهذه النعمة، والنعمة تستوجب الشكر؛ فإن لم تُشكر؛ فإنها تزول {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7.]؛ فعلى شباب المسلمين أن يتذكَّرُوا هذه النعمة، وأن يسعوا في بقائها وإصلاح ما يحصل فيها من خلل بالطرق الصحيحة، وعليهم أن يحذروا كل الحذر من المفسدين الذين يتسمون باسم الدعوة وباسم الإسلام، وهم ينشرون العداوة والأحقاد بين المسلمين، ويتصيدون في الماء العكر، ويتلمسون الزلات البسيطة ليكبروها، حتى يجعلوها كأنها جرائم ليس لها علاج وليس لها إصلاح، وأنها كفر، وأنها، وأنها.
علينا أن نحذر من هذا النوع من الناس، وإن تلبسوا باسم الإسلام وباسم الدعاة؛ لأن الدّاعية من صفاته الإخلاص والسعي بالإصلاح والسعي بإزالة الفرقة بين المسلمين.
أما هذه الدعوة التي تُفرِّقُ بين الناس وتشتتهم؛ فهذه دعوة إلى الفتنة؛ فالذي يُشَهِّر بالأخطاء والذي ينشر المخازي والذي يُقَنِّط الناس من الإصلاح؛ فهذا داعية سوء، علينا أن نحذر من أمثال هؤلاء، وأن نعود إلى رشدنا، وأن نشكر نعمة الله علينا، وأن نُقبِل على تعلم العلم النافع، وأن نُزِيل ما بيننا من الاختلاف بالرّجوع إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59.].