المصدر : فتاوى الفوزان
موضوع الفتوى : الجن والصرع وعلاجه
السؤال :
في عصرنا الحاضر كثُرَ حديث الناس عن تلبُّس الجنِّ بالإنس، ودخولهم فيهم، ومن الناس من ينكر ذلك، بل إنّ البعض ينكر الجنَّ إطلاقًا؛ فهل لهذا تأثير على عقيدة المسلم؟ وهل ورد ما يلزم بالإيمان بالجنِّ؟ ثم ما الفرق بينهم وبين الملائكة؟
الجواب :
إنكار وجود الجنِّ كفر وردَّةٌ عن الإسلام؛ لأنه إنكارٌ لما تواتر في الكتاب والسنة من الأخبار عن وجودهم؛ فالإيمان بوجودهم من الإيمان بالغيب؛ لأننا لا نراهم، وإنما نعتمد في إثبات وجودهم على الخبر الصَّادق؛ قال تعالى في إبليس وجنوده: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: 27.]. أمَّا إنكار دخولهم في الإنس؛ فلا يقتضي الكفر، لكنه خطأ، وتكذيب لما ثبت في الأدلَّة الشرعيَّة والواقع المتكرِّر وجوده، لكن لِخفاء هذه المسألة لا يُكفَّر المخالف فيها، ولكن يخطَّأ؛ لأنه لا يعتمد في إنكار ذلك على دليل، وإنما يعتمد على عقله وإدراكه، والعقل لا يُتَّخذ مقياسًا في الأمور الغيبيَّة، وكذلك لا يكون العقل مقدَّمًا على أدلَّة الشرع؛ إلا عند أهل الضلال. والفرق بين الجنِّ والملائكة من وجوه: الوجه الأول: من وجه أصل الخِلقة؛ فالجنُّ خُلِقوا من نار السَّموم، والملائكة خُلِقوا من نور. الوجه الثاني: أن الملائكة عبادٌ مطيعون لله، مقرَّبون، مكرَمون؛ كما قال تعالى: {بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ، لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء: 26، 27.]، وقال تعالى: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6.]. أما الجنُّ؛ فمنهم المؤمن ومنهم الكافر؛ كما قال تعالى إخبارًا عنهم: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} [الجن: 14.]، ومنهم المطيع ومنهم العاصي؛ قال تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ...} [الجن: 11.] إلى غير ذلك من الآيات.
|
|