المصدر : فتاوى الفوزان
موضوع الفتوى : التوبة
السؤال :
أنا شاب قد عصيت الله جل وعلا، وشتمت والديَّ، ولكنّي ندمت كثيرًا، وحاولت معهما أن يسامحاني، ولكن للأسف الشَّديد ما استطعت إلى ذلك سبيلاً؛ فهل أدخُلُ النَّار؟ وفَّقكم الله.
الجواب :
ما دام أنَّك تبت إلى الله توبة صحيحة؛ فإنَّ الله يتوب عليك، ولكن يجب عليك أن تستسمح والديك؛ لأنَّ هذا حقٌّ لمخلوق، ومن شروط التَّوبة إذا كانت من حقِّ المخلوق أن يسمح له ذلك المخلوق عن حقِّه؛ فعليك ببرِّ والديك والإحسان إليهما حتى يرضيا عنك، عليك ببرِّهما والإحسان إليهما والعطف عليهما لعلَّهما يرضيان عنك إن شاء الله تعالى؛ فلا بدَّ من هذا. أمَّا لعن الوالدين؛ فإنه كبيرة عظيمة؛ قال صلى الله عليه وسلم: (لَعَنَ الله مَن لَعنَ والديه). قالوا: وكيف يلعن الرجلُ والديه؟ قال: (يلعنُ أبا الرَّجل فيلعنُ أباهُ، ويلعنُ أمَّهُ فيلعنُ أمَّه) [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (1/92) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه بلفظ قريب من هذا.]؛ هذا إذا لعن أبوي الآخرين؛ فإنَّ هذا سبب يجعل الآخرين يلعنون أبويه؛ فكيف إذا باشر اللعن على والديه؟! الأمر خطير. ولكنَّ التوبة تَجُبُّ كلَّ الذُّنوب، التوبة لا يبقى معها ذنب؛ قال الله سبحانه وتعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82.]، وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53.]، والله تعالى يفغر الشِّرك ويغفر الكفر إذا تاب منه؛ قال تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38.]، وقال في النَّصارى الذين يقولون: إنَّ الله ثالثُ ثلاثة! ويقولون: إنَّ الله هو المسيح ابن مريمَ! قال تعالى: {أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة: 74.]. فلا تيأس، ولا تقنط، وتُب إلى الله، وأحسن إلى والديك، وسيعطِّفُ الله قلوبهما عليك، ويسمحان عنك إن شاء الله.
|
|