المصدر : فتاوى اللجنة الدائمة
موضوع الفتوى : العقيدة
السؤال :
ما هو حكم الشريعة الإسلامية في زيارة المقابر -أي: مقابر الصالحين - حيث يذهب الرجل إلى قبر رجل صالح ويصحبه في هذه الرحلة أهله وأقاربه بما فيهم النساء ويأخذون معهم شاة ليذبحوها بجوار القبر ثم يضعون الطعام ويأكلون ويشربون ويقيمون عند هذا القبر يوما أو بعض يوم وأحيانا إلى الصباح الباكر وإن هذا القبر يبعد عن البيت بما لا يقل عن 20 كم أو أكثر أو أقل ثم ينقلون بعضا من اللحم إلى أصدقائهم وأقاربهم في مكان آخر يقصد أن هذا اللحم هدية أو صدقة، ومعلوم أن هذه الذبيحة ذكر عليها اسم الله عند ذبحها وسمعنا من بعض الناس يقولون: إن هذا اللحم مثل لحم الخنزير تماما، أي: أنه حرام شرعيا، والله سبحانه وتعالى يقول: فكلوا مما ذكر اسم الله عليه مع أن هذه الرحلة من أولها إلى آخرها لم يقصد بها إلا التقرب إلى الله بزيارة قبر هذا الصالح والدعاء عنده والتبرك به والتوسل إلى الله به، وإذا اختلف اثنان يحلفان على قبر هذا الصالح ويقيمون عندهم الموالد سنويا، ومن عادتنا إذا مرض منا أحد يذهب إلى قبور الصالحين، وإذا أصيب أحدنا بجنون أو مرض شديد يذهب به أقرباؤه إلى قبر الصالح وأحيانا يبرأ من مرضه أو جنونه بسبب زيارته لذلك الصالح. فما رأي الإسلام في ذلك؛ أفيدونا يرحمكم الله؟
الجواب :
أولا: لا يجوز شد الرحال لزيارة القبور؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى ثانيا: تشرع زيارة القبور للرجال دون النساء إذا كانت في البلد - أي: بدون شد رحل - للعبرة والدعاء لهم إذا كانوا مسلمين؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة واقتداء به صلوات الله وسلامه عليه في زيارته لأهل البقيع والشهداء بأحد والسلام عليهم والدعاء لهم. ثالثا: دعاء الأموات أو الاستغاثة بهم أو طلب المدد منهم أو الذبح لهم والاعتقاد فيهم أنهم يملكون جلب نفع أو دفع ضر أو شفاء مريض أو رد غائب كل ذلك وأشباهه شرك أكبر يخرج عن ملة الإسلام. رابعا: الذبح لله عند القبور تبركا بأهلها وتحري الدعاء عندها وإطالة المكث عندها رجاء بركة أهلها والتوسل بجاههم أو حقهم ونحو ذلك - بدع محدثة، بل ووسائل من وسائل الشرك الأكبر، فيحرم فعلها ويجب نصح من يعمله. خامسا: أما الذبيحة عند القبور تحريا لبركات أهلها فهو منكر وبدعة لا يجوز أكلها; حسما لمادة الشرك ووسائله، وسدا لذرائعه، إن قصد بالذبيحة التقرب إلى صاحب القبر صار شركا بالله أكبر ولو ذكر اسم الله عليها؛ لأن عمل القلوب أبلغ من عمل اللسان وهو الأساس في العبادات. سادسا: أما ما قد يحصل لبعض المرضى الذين يتصلون أو يجيئون إلى القبور فلا حجة فيه لجواز هذا العمل؛ لأن البرء قد يصادف ذلك الوقت بتقدير الله عز وجل فيظن الجاهلون أنه بسبب الرجل الصالح الذي في القبور، ولأن عباد الأصنام والجن قد تقضى بعض حوائجهم من جهة الشيطان، ولم يكن ذلك دليلا على جواز فعلهم، بل فعلهم شرك بالله وإن قضيت حوائجهم; لأن الشياطين قد تغررهم بذلك على الثبات على الشرك؛ ولأن ذلك قد يصادف قدر الله من البرء. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو، الرئيس عبد الله بن قعود، عبد العزيز بن عبد الله بن باز
|
|